حقل سنابل لكل منا ....

تقافزت الأفكار داخل رأسه وتزاحمت ،فأغلق جفنيه ينشد الخلاص واحتاج إلى تخيل مساحات من اللون الأخضر..

امتداد مسالم لا يتخلله شيء،أسند رأسه للخلف وأرخى قبضتيه مسترخياَ،فأحس بجسده يرتفع خفيفاَ ..ثم قرر إنهاء تلك اللحظات المنسرقة.

وإذ كان السقف أول ما وقع عليه نظره فهو على الأرض من جديد ويخضع لقوانين الجاذبية التي تلصقه بمقعده الوثير..هاهي تجلس أمامه تحيك خيوطاَ من الصوف..

اعتدل في جلسته مركزاَ نظره على كيفية انعقاد الخيوط مع بعضها البعض ثم انسيابها سنابل متجانسة ..وفكّر..هل نحن ننسج ما نزرع؟؟!!

نرتدي أوراق الأشجار والزهر والسنابل محاولين إخفاء إنسانيتنا والتنكر بأشكال هذه المخلوقات اللطيفة المعطاءة!!؟

ترى هل يكون طعم هذه القطعة الصوفية التي تحيك،قمحاَ؟؟

مما لاشك فيه أنها دفيئة ، لكن متى يرتديها ويصبح حقلاَ؟؟

ابتسم لفكرته تلك ملتقياَ مع ابتسامتها،لابد أنها تعرف أنها تصنع حقلاَ فابتسامتها مطمئنة وثابتة..

لطالما خطر له أن أمه كانت تصنعه عندما كان داخل أحشائها،تنسج لون عينيه كما تتمنى، وتملي عليه صفات السنابل التي تريد..ووجد نفسه يتحسس خصلات شعره وكأنه عرف السبب في كونه أجعد وذهبي..لقد كان حقلها الخاص ..أجل هذه هي الحقيقة..

تحفزت ذاكرته وقد وصل إلى مهمة عليه إنجازها، وهي البحث عن حقله بدوره..

وتساءل ما إذا كانت لوحاته ورسوماته هي هذا الحقل..لقد فتش كثيرا عن لونه الضائع ..ذلك اللون الذي يبرق في مخيلته ثم يمضي ، وقد تركه فاقد الرغبة في إكمال ما بدأ.. ويشرد خلفه باحثاَ متلهفا لمعرفة كنهه ليجد نفسه مرة أخرى أمام علبة الألوان الجامدة..

مازالت تنسج سنابلها،وهو مازال يتعارك مع أفكاره المتلاطمة،أشاح بوجهه عنها واستسلم للنعاس عسى أن يلتقي بلونه الفريد في الحلم،فيبدأ بزراعته منتظرا موسم الأمطار